الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة تهديدات بالتصفية الجسدية: سيناريو "اسكوبار" يدقّ المسمار الأخير في نعش "كرة العار"

نشر في  26 ماي 2015  (17:31)

في أخر خطواتها المترنّحة خلال موسم لاح أسوأ من سابقيه ومليئا بالاحتقان والتلاسن والاتهامات وتضخّم بارتفاع منسوب التظلم وحديث التآمر، بلغت البطولة الوطنية المحترفة لكرة القدم جولتها الأخيرة ومعها تكاد القلوب تبلغ الحناجر من فرط الخوف على مصير الأرواح..لأننا -وللأسف في تونس- لم نعد نتحدّث عن الابداعات والتنافس النزيه وما شابههما من الكليشيات بل ان كل همّنا بات منصبّا على انقاذ الموسم وانهائه بأخف الأضرار..
أجل، بات هذا مبتغى كل الجماهير الرياضية بعد أن انعرج المسار من التنافس على مصير لقب فاحت منه روائح كريهة الى حدّ التهديد الجدّي بالتصفية الجسدية لهذا الطرف أو ذاك.. والتبرير هو ضربة جزاء غير معلنة وتقدير خاطىء للقطة تسلّل وحتى الانهزام وان كان ذلك واردا في قانون اللعبة.
هكذا استحال وضع كرة القدم التونسية، ومع ذلك مازال البعض يتبجّح بترتيبها الريادي في تصنيف البطولات العربية والافريقية، ولازال شقّ أخر يردد على مسامعنا أحلام يقظة تقول اننا رواد اللعبة..وانّ ما يجري ليس سوى مسارا انتقاليا وظرفيا لن يفسد للودّ قضية وليس فيه من الأهمية بما كان حتى نستنفر من أجله..
في هذا الظرف الحسّاس من عمر الموسم الكروي، نستحضر في مخيّلاتنا سيناريو المدافع الكولمبي اسكوبار الذي لم يكن يعني شيئا في بلاد أنجبت هيغيتا وفالديراما اللذين صنعا رفقة أخرين أمجاد الكرة في كولمبيا..لكن تدخّلا منه غيّر مسار الكرة الى هدف بالخطأ في مرمى منتخب بلاده حوّله الى ضحية بفعل رصاصة استهدفته جزاء له على هدف ضد مرماه..
مات اسكوبار..ولكن السيناريو الدنيء لم يختف بل أنه مرّ عابرا للقارات من أقصى أمريكا الجنوبية الى شمال افريقيا ليحلّ بين ظهرانينا في تونس..
لم يعلن سليم بلخواص عن ضربة جزاء لمهاجم النجم يوسف المويهبي ضد الترجي فكان الجزاء سيلا من السباب الالكتروني في حسابه الفايسبوكي ثم تطوّر الخطر ليصل الى حد تهديده بالقتل عبر رسالة وصلت الى مقرّ سكناه..وهذا دليل على وجود اختراق للمنظومة التحكيمية، فمنزل بلخواص لم يتم اشهار عنوانه للعموم حتى يصل "المجرم المجهول"' اليه بيسر ويترك تهديدا على أعتابه..
كنّا بالكاد سننسى هذا التطوّر الخطير، حتى استفقنا على نبأ مماثل صبيحة الاثنين فحواه تهديد مجدّد بقتل مولدي عبيشو رئيس الترجي الجرجيسي في حال انهزم فريقه ضد النادي الافريقي في الجولة الختامية المبرمجة للثلاثاء المقبل.
لن نفتي في عالم الاجرام حتى نحصر الشبهات والاتهامات في هذه الجهة أو تلك، فذلك "أمر موحش" قد نرتكبه في حق الهياكل الأمنية المختصة قبل غيرها في فكّ شفرة ما جرى، غير أنه بمقدورنا القول ان ما يجري في تونس بات أمرا فظيعا يستوجب ردّا مزلزلا من الهياكل المعنية والمشرفة على اللعبة..
أيّ نكهة وأيّ طعم للقب في باب الجديد أو بوجعفر أو باب الجبلي أو باب السويقة ان كان ملطّخا بدماء هذا الاسم أو ذاك؟..ألم نندّد سابقا بدماء سقت ملعب باجة و"قصان الضو" في واقعة حمام الأنف والترجي؟..أوليس هذا الجرم الذي هدّد بلخواص وعبيشو (كنموذجين شهيرين) مماثلا للأخطار والسوابق التي حلّت بيننا وأثارت لغطا كبيرا؟
ما يجري يستوجب شجاعة كبيرة من أولي الأمر قبل أن يجرفنا التيار لأن تكرّر سيناريو اسكوبار يعني آليا أننا سمحنا على الملء بدقّ المسمار الأخير في نعش "كرة العار"..نقول هذا الكلام لأن "الساكت عن الحق شيطان أخرس"..وحتى لا يستفحل الأمر و"يتغوّل" أمر التهديد بالقتل ويصبح خبرا دارجا ومألوفا كدماء شهدائنا في الوطن التي بتنا نستفيق عليها بين يوم وأخر...

طارق العصادي